حقوق الأبناء فى الأسرة المسلمة
يونيو 21, 2025
/
/ / حقوق الأبناء فى الأسرة المسلمة

حقوق الأبناء فى الأسرة المسلمة

حقوق الأبناء  على ابائهم فى الأسرة المسلمة 
حسن التربية 
أهم حقوق الأبناء على أبائهم حسن تنشئتهم  - بحُسْنِ التربية وتعليم الضروريات من أمور الدين، وفي طريقةٍ عملية في تربية الأبناء يقول الرسول : "مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْـمَضَاجِعِ"[1]. كما أمرنا الله  أن نحمي أنفسنا وأبناءنا من النار يوم القيامة، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْـحِجَارَةُ[التحريم: 6].

رعايتهم وجدانيا وعاطفيا

هذا بالإضافة إلى رعاية هؤلاء الأبناء وجدانيًّا؛ وذلك بالإحسان إليهم ورحمتهم، وملاعبتهم وملاطفتهم، وقد ورد في ذلك أن الرسول  قَبَّل الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله  فقال: "مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ"[2].
كما روى شداد بن الهاد  عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله  في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حَسَنًا أو حسينًا، فتقدَّم رسول الله  فوضعه، ثم كبر للصلاة، فصلَّى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، قال أبي: فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله  وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلمَّا قضى رسول الله  الصلاة قال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك. قال: "كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ"[3].
وروى أيضًا أنس بن مالك  أن رسول الله  قال: "إِنِّي لأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ"[4].

تربية البنات

هذا، وإن لحُسْنِ تربية البنات ورعايتهن أهمية خاصة؛ حتى إن الرسول  كان يُعظِّم من أجر الذي يحسن تربيتهنَّ بصفة خاصة، فقال : "مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ. وضمَّ أصابعه[5].
وعلى هذا فثَمَّة حقوق مهمَّة للأبناء على الآباء كَفَلَهَا الإسلام لهم، وقد فاقت في شمولها ومراحلها كل الأنظمة والقوانين الوضعيَّة قديمها وحديثها؛ حيث اهتمَّ الإسلام بالأبناء في كل مراحل حياتهم؛ أَجِنَّةً، ورُضَّعًا، وصبيانًا، ويافعين، إلى أن يَصِلُوا إلى مرحلة الرجولة والأنوثة، بل اهتمَّ الإسلام بهم قبل أن يكونوا أَجِنَّةً في بطون أُمَّهَاتهم! وذلك بالحضِّ على حسن اختيار أمهاتهم وآبائهم.. وذلك كُلُّه بهدف إخراج رجال ونساء أسوياء لمجتمع تَسُودُهُ الأخلاق والقيم الحضارية النبيلة.
سلوك الفرد السليم هو انعكاس لتربيته وفكره وعقيدته؛ فإن ضل أحدها انحرف السلوك ومال عن الهدى والرشاد، وللتربية الأسرية اليد الطولى في التنشئة والتوجيه وتكوين شخصية سوية صالحة للأبناء والبنات. قال الله -تعالى-:{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} [الأعراف: 58]، وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» [رواه البخاري]. ودور الأسرة في صلاح الأبناء والبنات يشتمل على عدة أمور:

أولًا: الاختيار الصحيح للزوجة وفق ضوابط الشرع عملًا بقوله -صلى الله عليه وسلم«تنكح المرأة لأربع؛ لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك
[6][رواه مسلم]؛ وذلك أن الزوجة هي اللبنة الأساسية من لبنات الأسرة، وإذا صلح الأساس صلح البناء؛ ولهذا قال الشاعر:
 
الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعبًا طيب الأعراق

ومما هو معروف بالبديهة أن الأدوار التربوية المناطة بالمرأة الأم، تتخذ أهميتها من كونها هي لب العمل الوظيفي الفطري الذي يجب أن تتصدى له المرأة، وهذا يعني ضرورة أن تسعى الأم إلى ممارسة دورها بشكل يحقق نتائجه التي يأملها المجتمع، وهذا يعني أيضًا ضرورة إعداد المرأة الأم لأداء ذلك الدور قبل مطالبتها بنتائج فعالة.
ولهذا فقد حرص علماء التربية الإسلامية على تأكيد ضرورة إعداد المرأة لممارسة دورها، بل وانتقائها قبل إنجاب الأولاد، مؤكدين على حقيقة أن تربية النشء تحدث قبل ولادتهم باختيار الأمهات.
يقول أكثم بن صيفي لأولاده: "يا بَنيَّ! لا يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب؛ فإن المناكح الكريمة مَدْرَجةٌ للشرف".
وقال أبو الأسود الدؤلي لبنيه: "لقد أحسنتُ إليكم صغارًا وكبارًا، وقبل أن تولدوا. قالوا: وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟ قال: اخترت لكم من الأمهات من لا تُسَبُّون بها".
ولهذا فإن من أول حقوق الولد على والده أن يختار له الأم المؤمنة الكريمة، ذات الهدف من الحياة، التي تحسن تربيته، وتقوم على شؤونه، وتتعاهد دينه وعقيدته؛ لأن الطفل والطفلة ينتقل إليهما كثير من صفات أمهما النفسية والخلقية، بل يمتد هذا التأثير مدى الحياة.

ثانيا : إشباع النواحي العاطفية لدى الأبناء ومنحهم الحنان والعطف والمحبة بالقدر الذي يبث في نفوسهم الطمأنينة والاستقرار.

ثالثا : بث روح الحوار الهادئ الهادف بين الوالدين والأبناء حتى يتسنى للآباء الاطلاع على ما تكنه صدور وعقول أبنائهم؛ فيؤيدون الصحيح ويقوّمون السقيم.


رابعا": من الأمور المهمة العظيمة لدور الأسرة مع الأبناء حسن المراقبة الواعية لهم في فترة المراهقة والشباب؛ لمعرفة ماذا يقرؤون ولمن يقرؤون ومن يخالطون ويجالسون، فقد جاء في الحديث: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» [حسنه الألباني]. ولا شك أن مجالسة أبنائنا للشباب المتدينين أمر طيب، ولكن يجب أن يكون ذلك التدين على وفق الكتاب والسنَّة وفهم سلف الأمة على منهج واضح سليم وهو منهج الوسطية والاعتدال؛ فهذا هو التدين المحمود.

خامسا": الحرص على توفير متطلبات الأبناء المعيشية والمادية؛ حتى لا تدفعهم الحاجة إلى أن تتلقاهم الأيدي العابثة وذوو الأفكار المنحرفة والاعتقادات الفاسدة.

نسأل الله -تعالى- أن يصلح شباب وفتيات المسلمين وأن يحفظهم من فتن الشبهات والشهوات وأن يحفظ بلادنا من كيد الكائدين وإفساد المفسدين.

سادسا : غرس العقيدة الصحيحة السليمة في نفوس الأبناء وترسيخ القيم والمبادئ  وفق الكتاب والسنَّة وعلى فهم سلف الأمة.

سابعا": غرس المفاهيم المهمة المأخوذة من منهج سلف الأمة في نفوس الأولاد منذ صغرهم كأهمية لزوم الجماعة والسمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف  ماداموا يقيمون حدود الله ويقيمون حدود الله  على كتاب الله  وسنة رسوله وحرمة سفك الدماء والأنفس المعصومة.

ثامنا": ربط الأبناء بالعلماء الربانيين الراسخين في العلم الذين يبصرونهم بأمر دينهم ويبينون ما التبس عليهم فيه ويزيلون الغمة عن كل شائبة، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم فإذا أخذوه عن أصاغرهم هلكوا"، وقال الحسن البصري -رحمه الله-: "إذا أقبلت الفتن عرفها العلماء وإذا أدبرت عرفها كل جاهل".

المراجع 
[1] أبو داود: كتاب الصلاة، باب يؤمر الغلام بالصلاة (495)، وأحمد (6689)، والحاكم (708)، وقال الألباني: صحيح. انظر: صحيح الجامع (4026).
[2] البخاري كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته (5651)، ومسلم: كناب الفضائل، باب رحمته  بالصبيان والعيال... (2318).
[3] النسائي (1141)، وأحمد (27688)، الحاكم (4775)، وصححه ووافقه الذهبي، وابن خزيمة (936)، وابن حبان (2805)، واستدل به الألباني في إطالة الركوع. انظر: صفة صلاة النبي للألباني ص148.
[4] البخاري: كتاب الجماعة والإمامة، باب من أَخَفَّ الصلاة عند بكاء الصبي (677)، وابن ماجه (989)، وابن خزيمة (1610)، وابن حبان (2139)، وأبو يعلى (3144)، والبيهقي في شعب الإيمان (11054).
[5] مسلم: كتاب البر والصلة والأدب، باب الإحسان إلى البنات (2631)، واللفظ له، والترمذي (1914)، والحاكم (7350)، والبخاري في الأدب المفرد (894). 
[6]هذا الحديث رواه البخاري (4802) ومسلم (1466

عن الكاتب :

شاب مغربي أحب كل جديد في عالم الانترنت من مواقع وبرامج واحب التدوين ودائما ابحث عن الجديد لتطوير مهاراتي في مختلف الميادين التي تعجبني لكي انقل معرفتي وتجاربي لآخرين حتى يستفيدوا بقدر ما استفدت انا ;)
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

هناك تعليق واحد:

    1. مقال رائع .. نسال الله ان ينفعنا بعلمكم وفكركم وبصيرتكم ... كم تحتاجه الاسرة المصرية بصفة خاصة والمسلمة بصفة عامة للنهوض باعبائها

      ردحذف

علاقات زوجية

أخبار المشاهير

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أصدقاء الموقع

أرشيف المدونة الإلكترونية