الأسرة والقانون المصرى
/
/ / الأسرة والقانون المصرى

الأسرة والقانون المصرى


                                                                                   بقلم المحامى /محمد عباس 

الاسرة والقانون المصري                     
"الأسرة أساس المجتمع". هذه الجملة حرصت الدساتير المصرية المتعاقبة على ترديدها، كما حرصت محاكمنا الوطنية على التأكيد عليها. ورغم ما فيها من تقرير لحقيقة أساسية وجوهرية إلا أن الاحصائيات الرسمية تطالعنا سنويا بارتفاع معدلات الطلاق بصورة مخيفة بين المصريين، وهذا من شأنه تقويض الأسرة المصرية والتي هي أساس المجتمع المصري ذاته.
ودلت التجربة المصرية على سوء خلق المصريين وهم في طريقهم للحصول على الطلاق. فتجد الزوج يشهر بزوجته بدون مقتض، وكذلك الزوجة. وهم في ذلك متجاهلين لقول الحق تعالى: (ولا تنسوا الفضل بيننكم). [سورة البقرة].
ولقد استوقفني هذا الامر كثيرا؛ لكي استقصى أسبابه، وأصل فيها لحل ربما يكون له تأثير في تخفيض نسب الطلاق في الأسرة المصرية لاسيما وأن المشكلات الأسرية قديمة قدم الإنسان ذاته في حين أن ارتفاع نسبة الطلاق أمر جديد على المجتمع بأسره.
وأهم ما استوقفني في رحلتي الفكرية هو "انعدام الصبر" بين الأسرة المصرية.
والصبر، على حد تعبير العلامة الشيخ/ محمد الغزالي، وحده هو الذي يشع للمسلم النور العاصم من التخبط، والهداية الواقية من القنوط، والصبر فضيلة يحتاج اليها المسلم في دينه ودنياه، ولابد أن يبني عليها أعماله وآماله وإلا كان هازلا .. يجب أن يوطن نفسه المكاره دون ضجر، وانتظار النتائج مهما بعدت، ومواجهة الأعباء مهما ثقلت، بقلب لم تعلق به ريبة، وعقل لا تطيش به كربه، يجب ان يظل موفور الثقة بادي الثبات، لا يرتاع لغيمة تظهر في الافق، ولو تبعتها أخرى وأخرى، بل يبقى موقنا بأن بوادر الصفو لابد آتية. (خلق المسلم).
وقد مدح الله الصابرين في أكثر من موضع من كتابه الكريم حيث قال جلا وعلا: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ). [سورة البقرة].
وقد حكى الاستاذ الدكتور محمد سليم العوا عن اسرة لم يكن بينها حب، وكانت الزوجة لا تراعي زوجها ولكنه كان صابرا عليها محتسبا حتى وافته المنية بعدما أنجب منها أولادا تسع.
وقد روي أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ يَشْكُو إلَيْهِ خُلُقَ زَوْجَتِهِ فَوَقَفَ بِبَابِهِ يَنْتَظِرُهُ فَسَمِعَ امْرَأَتَهُ تَسْتَطِيلُ عَلَيْهِ 
بِلِسَانِهَا وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَرُدُّ عَلَيْهَا ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ قَائِلًا : إذَا كَانَ هَذَا حَالَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ 
فَكَيْفَ حَالِي ؟ فَخَرَجَ عُمَرُ فَرَآهُ مُوَلِّيًا فَنَادَاهُ : مَا حَاجَتُك يَا أَخِي ؟ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جِئتُ أَشْكُو 
إلَيْك خُلُقَ زَوْجَتِي وَاسْتِطَالَتَهَا عَلَيَّ فَسَمِعْتُ زَوْجَتَكَ كَذَلِكَ فَرَجَعْت وَقُلْت : إذَا كَانَ هَذَا حَالَ أَمِيرِ 
الْمُؤْمِنِينَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَكَيْفَ حَالِي ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : إنَّمَا تَحَمَّلْتُهَا لِحُقُوقٍ لَهَا عَلَيَّ : إنَّهَا طَبَّاخَةٌ لِطَعَامِي 
خَبَّازَةٌ لِخُبْزِي غَسَّالَةٌ لِثِيَابِي رَضَّاعَةٌ لِوَلَدِي ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهَا ، وَيَسْكُنُ قَلْبِي بِهَا عَنْ الْحَرَامِ ، 
فَأَنَا أَتَحَمَّلُهَا لِذَلِكَ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَلِكَ زَوْجَتِي ؟ قَالَ : فَتَحَمَّلْهَا يَا أَخِي فَإِنَّمَا هِيَ مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ .
بينما أبناء اليوم لا يرون في الزواج الا سعادة أبدية لا يتخللها أحزان أو مشكلات ربما تكون عنيفة وربما غير ذلك. ولهذا استمرت الاسر في الازمان الماضية مدد طويلة محافظة على تماسكها وقيمها وتقاليد المجتمع بينما اليوم فالامر غير!
الصبر هو اهم حق لكل زوج على صاحبه، وبغيره لا تقوم حسن المعاشرة. فالمعاشرة التي نص عليها الدين هي احتمال الاذى وحسن التصرف وبدونهما لن تقوم الاسرة. أما القانون فلا يحمي الاسرة بحقوقها المادية والمعنوية بينما يحمي الحقوق المادية للاسرة دون المعنوية حتى ذكر بعض القانونيين ما نصه ((امتناع الزوجة عن إتيان الزوج في فراشه لا يعتبر سببا مسقطا لنفقتها))، ورغم ان الرسول نهى عن ذلك لما فيه مدعاة للشقاق بينهما، وكان الأولى بالقانونيين، وعملا بسد الذرائع، أن يقفوا عند تعاليم الدين دون محاباة لطرف على حساب طرف.
اهدف من هذا المقال دعوة اصحاب الفكر والراي الى مناقشة هذا المقترح فان صادف الحق فعليهم واجب نشره وإن صادف الباطل فعليهم واجب اصلاح ما فيه من خطأ.

عن الكاتب :

شاب مغربي أحب كل جديد في عالم الانترنت من مواقع وبرامج واحب التدوين ودائما ابحث عن الجديد لتطوير مهاراتي في مختلف الميادين التي تعجبني لكي انقل معرفتي وتجاربي لآخرين حتى يستفيدوا بقدر ما استفدت انا ;)
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

هناك تعليق واحد:

    1. مقال مهم جدا لانه بيلمس موضوع في غاية الأهمية وأعتقد هو سبب جميع مشاكلنا المعاصرة إذا أن الأسرة هي قوام كل المجتمعات المعاصرة وبدون صلاح الأسرة لا صلاح لأي مشكلة في المجتمع وخاصا ونحن نواجهه أزمة أخلاقية كبيرة في الشارع المصري فلابد دائما وأبدا الرجوع لمباديء الدين الحنيف وهذه لفته تستحق الاحترام من الكاتب إذا أن قواعد القانون وحدها غير كافية للحفاظ على الحقوق الأسرية فلابد من الارتكان على الأساس وهو مباديء الدين الحنيف.

      ردحذف

علاقات زوجية

أخبار المشاهير

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أصدقاء الموقع

أرشيف المدونة الإلكترونية